عنوان الكتاب:
منهج شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في التأليف
تأليف:
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الناشر:
*
الأولى، 1425هـ/2004م
منهج شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في التأليف ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
ص -3- |
||||
وتوفي سنة (1206)، من قبيلة بني تميم الذين أخبر الرسول صلى الله
عليه وسلم أنَّهم أشدُّ الناس على الدَّجَّال، أخرجه البخاري (2543)، وهو دالٌّ
على استمرار بقاء هذه القبيلة حتى زمن الدجَّال، وأنَّهم أشدُّ الناس عليه، وكما
كانت هذه القبيلة في آخر الزمان أشدَّ الناس على الدجَّال الأعظم، فإنَّ شيخ
الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأبناءه وأحفاده وتلاميذه وتلاميذهم وتلاميذ
تلاميذهم من أشدِّ الناس على الدجَّالين الذين ظهروا في أزمانهم من أهل الزيغ
والضلال. |
ص -4- |
||||
اليمامة وما تبعها من البلاد على مظاهر الشرك والبدع، وظهر فيها
التوحيد، وقد كانت تلك البلاد قبل زمن الشيخ ـ رحمه الله ـ لا تختلف عن البلاد
الأخرى، التي لا تزال مفتونة بأصحاب القبور ودعائهم وطلب الحاجات منهم، فجزاه
الله عن الإسلام والمسلمين في هذه البلاد وغيرها أحسن جزاءٍ، وأثابه أتمَّ
مثوبة. |
ص -5- |
||||
بعض الذين لَم يُوفَّقوا لسلوك المسلك القويم والصراط المستقيم؛
تنفيراً من الاستفادة بهذه الدعوة المباركة، المبنيَّة على الكتاب والسنة وما
كان عليه سلف الأمَّة. |
ص -6- |
||||
والسنَّة، وهو السبب الأقوى لاستمرارها في المستقبل، ثبَّتها
الله على هذا الحقِّ، وأعانها على القيام به على الوجه الذي يرضيه سبحانه
وتعالى. |
ص -7- |
||||
الخامسة: أنَّ من الحاقدين على
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ مَن يحمل بعض الأحاديث الواردة في
الفتن التي فيها أنَّ نجداً فيها الزلازل والفتن، وأنَّ منها يطلع قرنُ الشيطان،
من الحاقدين مَن يحملها على اليمامة، التي اشتهرت في الأزمان المتأخرة باسم نجد؛
لصدِّ الناس عن الاستفادة من هذه الدعوة المباركة، وما يزعمونه من ذلك الحمل
باطل؛ لأنَّه قد جاء في بعض الأحاديث وفي كلام أهل العلم ما يبين أنَّ المراد
بها العراق، وقد ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في تخريجه
أحاديث فضائل الشام ودمشق للرَّبَعي (ص:9 ـ 10) وفي السلسلة الصحيحة (2246)
طرقاً لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في ذلك، وفي بعضها ما يبيِّن
المراد، وهو العراق، وقال في السلسلة الصحيحة: |
ص -8- |
||||
"وإنَّما أفضتُ في
تخريج هذا الحديث الصحيح وذكر طرُقه وبعض ألفاظه؛ لأنَّ بعض المبتدعة المحاربين
للسنَّة والمنحرفين عن التوحيد يطعنون في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة
التوحيد في الجزيرة العربية، ويحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد نجد المعروفة
اليوم بهذا الاسم، وجهلوا أو تجاهلوا أنَّها ليست هي المقصودة بهذا الحديث،
وإنَّما هي العراق كما دلَّ عليه أكثرُ طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديماً،
كالإمام الخطابي وابن حجر العسقلاني وغيرهم، وجهلوا أيضاً أنَّ كون الرجل من بعض
البلاد المذمومة لا يستلزم أنَّه هو مذموم أيضاً إذا كان صالحاً في نفسه، والعكس
بالعكس، فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر، وفي العراق من عالِم وصالح،
وما أحكمَ قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء حينما دعاه أن |
ص -9- |
||||
يُهاجر من العراق إلى الشام: (أما بعد، فإنَّ الأرض المقدَّسة لا
تُقدِّس احداً، وإنَّما يُقدِّسُ الإنسانَ عملُه"). |
ص -10- |
||||
وقال قبل ذلك في الفتح (6/352) عند شرح حديث: "رأس الكفر
نحو المشرق": "وفي ذلك إشارة إلى شدَّة كفر المجوس؛ لأنَّ مملكة الفرس
ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية
القسوة والتجبر، حتى مزَّق مَلِكُهم كتاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كما
سيأتي في موضعه، واستمرَّت الفتن من قِبَل المشرق كما سيأتي بيانه واضحاً في
الفتن". |
ص -11- |
||||
وقد مرَّ في كلام ابن حجر قريباً أنَّ ظهور البدع كان من تلك
الجهة، أي جهة المشرق، ومن أمثلة ذلك أنَّ الخوارج والشيعة والقدرية والجهمية
كان خروجهم من تلك الجهة، ومجيء التتار للقضاء على الخلافة العباسية وسقوط بغداد
كان من المشرق، وفي آخر الزمان خروج الدجال من تلك الجهة، فإنَّه كما جاء في
صحيح مسلم (2137) يخرج من خلة بين الشام والعراق، وفي صحيحه أيضاً (2944): "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم
الطيالسة". |
ص -12- |
||||
النيسابوري، وأبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد
الرحمن النسائي، وابن ماجه القزويني، وقد ألَّف الشيخ محمد أشرف سندهو المتوفى
سنة (1373هـ) رسالة أوضح فيها ما يتعلق بهذا الموضوع، سمَّاها: "أكمل
البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان". |
ص -13- |
||||
اهتمامه وجلُّ عنايته في إيضاح توحيد العبادة الذي أُرسلَت الرسل
وأُنزلت الكتبُ من أجله، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا
اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي
إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}، فألَّف في التوحيد كتباً عديدة، أهمها كتاب التوحيد الذي هو
حقُّ الله على العبيد، وكتاب الأصول الثلاثة وأدلتها، وكتاب كشف الشبهات. |
ص -14- |
||||
وآخرها: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية،
وقبل الباب الأول ترجم بكتاب التوحيد، وأورد فيه خمس آيات وحديثاً وأثراً، وهذه
الآيات هي قول الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، وقوله: {وَلَقَدْ
بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا
الطَّاغُوتَ}، وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}، وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}، وقوله: {قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئاً} الآيات، وعقَّب الآيات من سورة الأنعام
بأثر ابن مسعود رضي الله عنه بشأنها، ثم أورد حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه
المتفق على صحته في بيان حق الله على العباد وحق العباد على الله، ومن منهجه في
تأليفه: |
ص -15- |
||||
1 ـ أنَّ الكتابَ من
أوَّله إلى آخره يسوق فيه الشيخ الإمام آيات وأحاديث وآثاراً عن سلف هذه
الأمَّة، من الصحابة ومن بعدهم مِمَّن سار على نهجهم وطريقتهم، وصنيعه هذا شبيه
بصنيع الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في كتابه الجامع الصحيح، وعلى الأخصِّ كتاب
التوحيد الذي هو آخر الكتب في صحيح البخاري، فإنَّ طريقةَ البخاري في ذلك أنَّه
يورد آيات وأحاديث وآثاراً، وقد بلغت أبواب كتاب التوحيد من صحيح البخاري ثمانية
وخمسين باباً، أوَّلها: باب ما جاء في دعاء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أمَّته
إلى توحيد الله تبارك وتعالى، وقد أورد فيه حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه في
بيان حقِّ الله على العباد وحق العباد على الله، وعدة أبواب كتاب التوحيد عند
الإمام البخاري وأبواب التوحيد عند الإمام محمد بن عبد الوهاب متقاربة، وهي في |
ص -16- |
||||
الصحيح ثمانية وخمسون، وعند الإمام محمد بن عبد الوهاب ستة
وستون. |
ص -17- |
||||
التوحيد، الذي هو إفراد الله بالعبادة، والتحذير مِمَّا يُنافي
أصل التوحيد، وهو الشرك بالله، أو يُنافي كمالَه، وهو الشرك الأصغر والبدع، ومن
أبواب كتاب التوحيد في تقرير التوحيد باب فضل التوحيد وما يُكفِّر من الذنوب،
وباب من حقق التوحيد دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، وباب الدعاء إلى شهادة أن لا
إله إلاَّ الله، وباب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلاَّ الله. |
ص -18- |
||||
ومن الأبواب فيما يُنافي كمال التوحيد وهو البدع والشرك الأصغر:
باب ما جاء أنَّ سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين، وباب ما
جاء من التغليظ فيمَن عبَد اللهَ عند قبر رجل صالح، فكيف إذا عَبَدَه؟! وباب ما
جاء أنَّ الغلوَّ في قبور الصالحين يصيِّرها أوثاناً تُعبد من دون الله، وباب ما
جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جَناب التوحيد وسدّه كل طريق يوصل إلى
الشرك، وباب قول: ما شاء الله وشئت. |
ص -19- |
||||
الميت في قبره، فقد روى الإمام أحمد (18534) بإسناد حسن عن
البراء بن عازب رضي الله عنه حديثاً طويلاً وفيه: "فيأتيه ـ أي المؤمن ـ ملَكان فيجلسانه، فيقولان له: مَن
ربُّك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له:
ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفيه: "ويأتيه ـ أي الكافر
ـ مَلَكان فيُجلسانه، فيقولان له: مَن ربُّك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! فيقولان
له: مَا دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! فيقولان له: مَا هذا الرجل الذي بُعث
فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري!". |
ص -20- |
||||
يقول: "ذاق طعم الإيمان
مَن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً"، وفي صحيح مسلم أيضاً (1884) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا
سعيد! من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيًّا، وجبت له الجنة" الحديث، وقد وردت أيضاً في أدعية الأذان في صحيح مسلم (386) عن
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "من قال حين يسمع الأذان: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا
شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، رضيتُ بالله ربًّا، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام
ديناً، غفر له ذنبه". |
ص -21- |
||||
فقل: معرفة العبد ربه ودينه ونبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم،
فإذا قيل لك: مَن ربُّك؟ فقل: ربي الله الذي ربَّاني وربَّى جميع العالَمين
بنعمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه، والدليل قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}، وكلُّ ما
سوى الله عالَم، وأنا واحد من ذلك العالَم، فإذا قيل لك: بمَ عرفتَ ربَّك؟ فقل:
بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات
السبع والأرضون السبع ومَن فيهنَّ وما بينهما"، واستدلَّ لذلك من القرآن،
ثم قال: "والربُّ هو المعبود، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ
أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، قال ابن
كثير رحمه الله تعالى: |
ص -22- |
||||
"الخالقُ لهذه
الأشياء هو المستحقُّ للعبادة"، ثم ذكر جملة من أنواع العبادة وأدلتها، ثم
قال: "الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة، وهو الاستسلام لله
بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، وهو ثلاث مراتب:
الإسلام والإيمان والإحسان، وكلُّ مرتبة لها أركان"، ثم ذكر أركان الإسلام
الخمسة، وأركان الإيمان الستة، والركن الواحد للإحسان، وذكر الأدلة على ذلك. |
ص -23- |
||||
بالمدثر، وبلده مكة، وهاجر إلى المدينة، بعثه الله بالنذارة عن
الشرك ويدعو إلى التوحيد"، ثم ذكر جُملاً أخرى تتعلَّق بالرسول صلى الله
عليه وسلم ورسالته واستدلَّ على ذلك، وقد ذكر ـ رحمه الله ـ نسبَه الشريف على
سبيل الإجمال، ويدلُّ لشرف نسبه صلى الله عليه وسلم ما رواه مسلم في صحيحه
(2276) عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: "إنَّ الله اصطفى
كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم،
واصطفاني من بني هاشم"، وقريش هم أولاد فهر
بن مالك، وهو الأب الحادي عشر للرسول صلى الله عليه وسلم، وآباؤه صلى الله عليه
وسلم إلى عدنان واحد وعشرون، وهو المتفق عليه في نسبه، وما وراءه مختلف فيه، وهو
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن مرة بن
كعب بن لؤي بن |
ص -24- |
||||
غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدرِكَة بن
إلياس بن مُضَر بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان، وهذا النسب أورده الإمام البخاري في
صحيحه في مطلع باب مبعث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في كتاب مناقب الأنصار،
وأورد بعده الحديث (3851) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أُنزل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم أُمر
بالهجرة، فهاجر إلى المدينة، فمكث بها عشر سنين، ثم توفي صلى الله عليه
وسلم"، وانظر هذا النسب في الطبقات الكبرى لابن سعد (1/55)، ففيه نسبة قريش
إلى فهر بن مالك الأب الحادي عشر للرسول صلى الله عليه وسلم، وانظر ما قيل في
نسبه صلى الله عليه وسلم من عدنان إلى إسماعيل في فتح الباري (6/538 ـ 539). |
ص -25- |
||||
واضح العبارات، مستدلاًّ لما يذكره بالكتاب والسنة، وهو من أوَّل
ما ينبغي أن يُلقَّنه الصبيان، ويُعلَّمه العوام، ويستفيد منه الخاص والعام. |
ص -26- |
||||
الأمَّة، وكتابه هذا متمِّمٌ لكتبه الأخرى في العقيدة، التي أوضح
فيها ما يجب اعتقاده وفقاً لنصوص الكتاب والسنَّة، فإنَّه بهذا الكتاب أجاب على
ما يُورَد على العقيدة الصحيحة من شبهات، مبيِّناً بطلانها ومخالفتها للحقِّ
والهدى الذي كان عليه سلف هذه الأمَّة. |
ص -27- |
||||
ومنهجه في الغالب مبنيٌّ على الاستنباط من الآية أو الآيات
وذِكْر المسائل المستنبطة متسلسلة، مثل أول آية فسَّرها من سورة البقرة، وهي
قوله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا
الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}، فقد
استنبط منها إحدى وخمسين مسألة، وهو دالٌّ على قوَّة فهم الشيخ ودقَّة استنباطه
وعنايته بالفقه في الدِّين، فقد ثبت في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه
قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن يُرد الله به
خيراً يفقِّهه في الدِّين". |
ص -28- |
||||
في سورة، ثم يأتي بالكلام على القصة في سور أخرى، كما فعل في أول
تفسير سورة القصص، فإنَّه تكلَّم على قصة موسى وهارون في هذه السورة، ثم ذكر
بعدها الكلام على قصتهما في سور القرآن الأخرى. |
ص -29- |
||||
الناس حاجة شديدة. |
ص -30- |
||||
وثالثهم: الذي يعمل مخلصاً لكنه
على غير الأمر. |
ص -31- |
||||
انتهى كلامه رحمه الله.
وهذا المنهج الذي سلكه الشيخ ـ رحمه الله ـ غالباً في التفسير ـ
وهو سرد المسائل المستنبطة من كلِّ آية أو آيات ـ هو المنهج الذي سلكه في كتاب
التوحيد، حيث يورد في آخر كلِّ باب المسائل المستنبطة من الآيات والأحاديث
والآثار الواردة فيه، كما مرَّت الإشارة إلى ذلك عند ذكر منهجه في ذلك الكتاب
العظيم. |
ص -32- |
||||
وقد طُبع تفسير الشيخ ـ رحمه الله ـ لسور وآيات من القرآن الكريم
ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، التي جُمعت وطُبعت بعناية جامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وذلك في مجلد تبلغ صفحاته تسعاً وثمانين
وثلاثمائة صفحة. |
ص -33- |
||||
الطهارة، وأول حديث فيه حديث بئر بُضَاعة، وهو يختلف في البدء عن
المنتقى والمحرر والبلوغ؛ فإنَّها جميعاً بدأت بحديث ماء البحر، وآخر المجموع
الدعاوى والبينات ثم الشهادات ثم الجامع ثم الطب. |
ص -34- |
||||
التبتل للعبادة قيل فيه هذا الكلام الغليظ وسمي فعله رغوباً عن
السنة، فما ظنُّك بغير هذا من البدع، وما ظنُّك بغير الصحابة؟!". |
ص -35- |
||||
نفعها، وهكذا ينبغي أن تكون عناية الدعاة إلى الله بالكتاب
والسنة وكلام السلف الصالح؛ لأنَّ استدلالهم لِمَا يقولون بالآيات والأحاديث
والآثار من أعظم أسباب قبول الناس منهم والإصغاء إليهم والاستفادة من دعوتهم. |
ص -36- |
||||
مقلِّدين فيها، كابن عبد البر من المالكية، والذهبي وابن كثير من
الشافعية، وابن تيمية وابن القيم من الحنابلة، وعلى هذا المنوال كان شيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد نشأ على دراسة المذهب الحنبلي، ولكنه يأخذ
بالقول الذي دلَّ الدليل عليه ولو كان في غير المذهب الحنبلي، كما هو شأن
العلماء المحققين، وهذه هي الطريقة المثلى؛ لاشتمالها على توقير العلماء
والاستفادة من علمهم والتوسط بين الجفاء والغلو فيهم، قال ابن القيم في كتاب
الروح (ص:395 ـ 396): "فمَن عرض أقوال العلماء على النصوص ووَزَنها بها
وخالف منها ما خالف النصَّ لم يهدر أقوالَهم ولم يهضِم جانبَهم، بل اقتدى بهم،
فإنَّهم كلَّهم أَمَروا بذلك، فمُتَّبعُهم حقًّا مَن امتثل ما أوصوا به لا مَن
خالفهم؛ فخلافهم في القول الذي جاء النصُّ |
ص -37- |
||||
بخلافه أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أَمَروا ودَعوا
إليها من تقديم النصِّ على أقوالهم، من هنا يتبيَّن الفرقُ بين تقليد العالِم في
كلِّ ما قال، وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه، فالأول يأخذ قوله من
غير نظر فيه ولا طلب لدليله من الكتاب والسنة، بل يجعل ذلك كالحبل الذي يلقيه في
عنقه ويقلده به، ولذلك سمِّي تقليداً، بخلاف مَن استعان بفهمه، واستضاء بنور
علمه في الوصول إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فإنَّه يجعلهم بمنزلة الدليل
إلى الدليل الأول، فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره، فمَن
استدلَّ بالنجم على القبلة فإنَّه إذا شاهدها لَم يبق لاستدلاله بالنجم معنى،
قال الشافعي: (أجمع الناسُ على أنَّ مَن استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم لم يكن له أن يدَعَها لقول أحد". |
ص -38- |
||||
ومن أشهر ما ألَّفه الشيخ في الفقه كتاب آداب المشي إلى الصلاة،
الذي يشتمل على فقه الصلاة والزكاة والصيام، وقد اشتهر بهذا الاسم الذي هو اسم
أول باب فيه، وهو من تسمية الشيء ببعضه، ولم يُورد قبله ما يتعلَّق بأحكام
الطهارة اكتفاءً برسالة شروط الصلاة وأركانها وواجباتها. |
ص -39- |
||||
مواضع، تبيَّن أنَّ كثيراً مِمَّا في هذا الكتاب مطابقٌ لِمَا
جاء فيه. |
ص -40- |
||||
2 ـ أنَّه يذكر كثيراً
الحكم مقروناً بدليله، مثل قوله في باب الجنائز: "ويُسارَع في قضاء دَيْنه
وإبراء ذمَّته من نذر أو كفارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (نفس المؤمن معلَّقةٌ بدَيْنه حتى يُقضى عنه)، حسنه الترمذي". |
ص -41- |
||||
اللهمَّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك". |
ص -42- |
||||
اختصاره الكتب |
ص -43- |
||||
وأقول في الختام: إنَّ بعضَ مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ
رحمه الله ـ من جملة المقررات الدراسية في المملكة العربية السعودية من زمن
طويل، وكنت مِمَّن درس "الأصول الثلاثة" و"كشف الشبهات"
و"آداب المشي إلى الصلاة" في المرحلة الابتدائية فيما بين عام (1368 ـ
1371هـ)، ثم كتاب التوحيد بعد المرحلة الابتدائية، وكان للتعليم قبل إنشاء وزارة
المعارف مديرية عامة، مقرها مكة المكرمة، وكان مديرها العام الشيخ العلامة محمد
بن عبد العزيز بن مانع رحمه الله، وهو من أهل العلم والفضل، وقد وُضعت مناهج
التعليم في ذلك الوقت، ولَمَّا أُنشئت وزارة المعارف بعد وفاة الملك عبد العزيز
ـ رحمه الله ـ في عهد الملك سعود رحمه الله، كان خادم الحرمين الشريفين الملك
فهد بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ أول وزير للمعارف، فأقرَّ مناهج |
ص -44- |
||||
التعليم، ثم تعاقب على الوزارة بعده أربعة وزراء والمناهج
التعليمية على ما هي عليه لم يُوجَّه إليها تهمة في هذه العهود المتتابعة، وقبل
سنتين تقريباً، وبمناسبة الحملة الحاقدة على هذه البلاد المباركة من أعداء
الإسلام، اتَّهم بعضُ الذين يميلون إليهم مناهجَ التعليم بأنَّها سبب التطرُّف
والتكفير، وما تبع ذلك من تدمير وتفجير، وهذه المناهج بريئة من هذه التهم،
ومتَّهمها هو المتَّهم، ثم لماذا تأخَّر هذا الاتهام إلى هذا الوقت، ولَم
تُتَّهم في عهد الملك عبد العزيز والعهود بعده؟! ومن المعلوم أنَّ الكثيرين من
العلماء والأمراء والوزراء وغيرهم قد درسوا هذه المناهج ولم يحصل لهم منها إلاَّ
الخير والسلامة. |
ص -45- |
||||
تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} ، وقال:
{وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} ، وقال: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ
اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ
اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} ، وفي صحيح
ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن التمس رضا الله بسخط الناس رضيَ اللهُ عنه وأرضى عنه
الناسَ، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناسَ". |
ص -46- |